الثلاثاء، 30 أكتوبر 2007

مقدمــــــة الأستاذ محمد نصيف رحمه الله

مقدمــــــة الأستاذ محمد نصيف رحمه الله

لكتاب الخطوط العريضة التي قام عليها دين الأئمة الإثني عشرية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين.

وبعد: إن الدعوة التي قامت في السنوات الأخيرة للتقريب بين دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية،

ومخالفيهم من أهل السنة، والزيدية والإباضية،

قد لفتت الأنظار إلى دراسة هذا الموضوع، دراسة علمية.

وقد قام الكاتب الإسلامي، السيد محب الدين الخطيب بهذه الدراسة

من أمهات كتب الشيعة لتحري وسائل التقريب فيها.

وقد تبين له استحالة ذلك،

لأن واضعي أسس الدين الشيعي لم يتركوا في أصولهم وسيلة لهذا التقريب بعد أن أقاموه على دعائم منافية
لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء إليه أصحابه، وتركهم بعده على محجة واضحة منيرة لا
ينحرف عنها منحرف إلا هلك.

ولما كانت النقول التي وردت في هذه الدراسة مأخوذة من الكتب المعتمدة عند الطائفة الإمامية الاثني
عشرية، ومدلول عليها بأرقام صفحاتها، وبيان طبعات الكتب المأخوذة منها ولا يستطيع أن يماري فيها أحد،

لذلك رأينا أن نضعها أمام أنظار الناس ليحي من حي عن بينه ويهلك من هلك عن بينه

والله ولي المهتدين.

(محمد نصيف). جدة: 14 رجب 1380 = وقال الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله في مقدمة كتابه القيم


[[الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الاثني عشرية ]]

مبينا استحالة التقريب بينهم وبين أصول الإسلام في جميع مذاهبه وفرقه

التقريب بين المذاهب والفرق الإسلامية:

التقريب بين المسلمين في تفكيرهم، واقتناعاتهم واتجاهاتهم وأهدافهم من أعظم مقاصد الإسلام ومن أهم
وسائل القوة والنهوض والإصلاح وهو من الخير لشعوبهم وجامعتهم في كل زمان ومكان.

والدعوة إلى هذا التقريب إذا كانت بريئة من الغرض،

ولا يترتب عليها في تفاصيلها ضرر يطغى على ما يرجى من نفعها، فإن على كل مسلم أن يستجيب لها، وأن
يتعاون مع المسلمين على إنجاحها.

وقد كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن هذه الدعوة

ثم تطور التأثر به وبها حتى بلغ الأزهر،

وهو أشهر وأضخم معهد ديني لأهل السنة المنتسبين إلى المذاهب الفقهية الأربعة،

فتبنى الأزهر فكرة التقريب هذه بأوسع من نطاقه الذي التزمه بلا انقطاع من أيام صلاح الدين الأيوبي إلى
الآن،

فخرج الأزهر عن ذلك النطاق إلى رغبته في التعرف إلى المذاهب الأخرى،

وفي طليعتها مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية،

ولا يزال الأزهر حتى هذه الساعة في بداية هذا الطريق.

لذلك كان هذا الموضوع الخطير جديرا بالبحث، والدراسة والعرض من كل مسلم له إلمام به، ووقوف على ما
يلابسه، وما يؤدي إليه من عوارض ونتائج.

ولما كانت المسائل الدينية بطبيعتها شائكة، فإن معالجتها ينبغي أن تكون بحكمة وبصيرة وسداد، وأن يكون
المتصدي لدراستها على بينه من دخائلها، وعلى نور من الله وإنصاف في التحري والحكم، لتؤدي هذه
المعالجة الغرض المطلوب منها، ولتنتج النتائج النافعة إن شاء الله.

وأول ما نلاحظه في هذا الأمر وفي كل أمر له علاقة بأكثر من طرف واحد

أن من أقوى أسباب نجاحه أن يكون هناك تجاوب بين الطرفين،

أو الأطراف ذات العلاقة به.

ونضرب بذلك مثلاً بمسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة:

فقد لوحظ أنه أنشأت لدعوة التقريب بينهما دار في مصر ينفق عليها من الميزانية الرسمية لدولة شيعية،

وهذه الدولة الشيعية الكريمة آثرتنا بهذه المكرمة

فاختصتنا بهذا السخاء الرسمي،

وضنت بمثله على نفسها

وعلى أبناء مذهبها،

فلم تسخ مثل هذا السخاء لإنشاء دار تقريب في طهران أو قم أو النجف أو جبل عامل أو غيرها من مراكز
الدعاية والنشر للمذهب الشيعي.(1)

وإن مراكز النشر هذه للدعاية الشيعية صدر عنها في السنين الأخيرة من الكتب التي نهدم فكرة التفاهم
والتقريب

ما تقشعر منه الأبدان،

ومن ذلك كتاب اسمه "الزهراء" في ثلاثة أجزاء نشره علماء النجف

وقالوا فيه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب

إن كان مبتلى بداء لا يشفيه منه إلا ماء الرجال(!)

وقد رأى ذلك الأستاذ البشير الإبراهيمي، شيخ علماء الجزائر عند زيارته الأولى للعراق.

فالروح النجسة التي يصدر عنها مثل هذا الفجور المذهبي

هي أحوج إلى دعوة التقريب إلى حاجتنا نحن أهل السنة إلى مثل ذلك.

وإذا كان الافتراق الأساسي بيننا وبينهم قائماً على دعواهم أنهم أكثر منا ولاءً لأهل البيت،

وعلى دعواهم أنهم يبطنون -بل يظهرون- الحقد والضغينة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قام
الإسلام على أكتافهم إلى درجة أن يقولوا مثل هذا الكلام القذر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله
عنه،

فقد كان الإنصاف يقتضي أن يبدءوا هم بتخفيف أحنتهم وضغينتهم عن أئمة الإسلام الأولين.

وأن يشكروا لأهل السنة موقفهم النبيل من آل البيت وعدم تقصيرهم بشيء من واجبات الإجلال والتكريم لهم،
إلا أن يكون تقصيرنا نحو آل البيت في أننا لم نتخذهم آلهة نعبدهم مع الله،

كما هو مشاهد في مشاهدهم القائمة في الناحية الأخرى التي يراد التقريب بيننا وبينها.

إن التجاوب لابد منه بين الطرفين المراد تفاهمهما، والتقريب بينهما،

ولا يكون التجاوب إلا إذا التقى السالب بالموجب ولم يقتصر نشاط الدعوة إليه والعمل لتحقيقه على جهة
واحدة دون الأخرى كما هو حاصل الآن.

وما يقال عن انفراد التقريب بدار واحدة في عاصمة أهل السنة وهي مصر دون عواصم المذهب الشيعي،

ومراكز النشر النشيطة جداً للدعاية له والبغي على غيره يقال كذلك عن إدخال مادة هذا التقريب في مناهج
الدراسة الأزهرية قبل أن يكون لذلك مقابل، ومماثل في معاهد التدريس الشيعية.

أما إذا اقتصر الأمر كما هو واقع الآن -على طرف واحد من الطرفين- أو الأطراف ذات العلاقة به، فإنه لا
يرجى له النجاح، هذا إذا لم يترتب عليه رد فعل غير حميد.

ومن أتفه وسائل التعارف أن يبدأ منها بالفروع قبل الأصول!.

###

الحاشيــــة

(1)

وهذا الإيثار تكرر منهم في مختلف العصور،

والدعاة الذين يرسلونهم لمثل هذه الأغراض هم الذين تحولت بهم العراق من بلاد سنية فيها أقلية شيعية إلى
بلاد شيعية فيها أقلية سنية.

وفي عصر الجلال السيوطي حضر من إيران إلى مصر داعية من دعاتهم أشار إليه السيوطي في (الحاوي
للفتاوي) الطبعة المنيرية ج1 ص330

وبسبب ذلك الداعية الإيراني

ألَّف السيوطي رسالة سماها (مفتاح الجنة في الاعتصام بالسنة).

ليست هناك تعليقات: