الثلاثاء، 30 أكتوبر 2007

مسألة التقية

مسألة التقية

وأول موانع التجاوب الصادق بإخلاص بيننا، وبينهم ما يسمونه "التقية"

فإنها عقيدة دينية، تبيح لهم التظاهر لنا بغير ما يبطنون،

فينخدع سليم القلب منا بما يتظاهرون له به من رغبتهم في التفاهم والتقارب
وهم لا يريدون ذلك ولا يرضون به ولا يعملون له، إلا على أن يبقى من الطرف الواحد مع بقاء الطرف الآخر
في عزلته لا يتزحزح عنها قيد شعرة. ولو توصل ممثلوا دور التقية منهم إلى إقناعنا بأنهم خطوا نحونا بعض
الخطوات، فإن جمهور الشيعة كلهم من خاصة وعامة يبقى منفصلاً عن ممثلي هذه المهزلة، ولا يسلّم للذين
يتكلمون باسمه بأن لهم حق التكلم باسمه.

= الطعن في القرآن الكريم

وحتى القرآن الذي كان ينبغي أن يكون المرجع الجامع لنا، ولهم على التقارب نحو الوحدة، فإن أصول الدين
عندهم قائمة من جذورها على تأويل آياته، وصرف معانيها إلى غير ما فهمه منها الصحابة عن النبي صلى
الله عليه وسلم، وإلى غير ما فهمه منها أئمة الإسلام عن الجيل الذي نزل عليه القرآن. بل إن أحد كبار علماء
النجف، وهو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي -الذي بلغ من إجلالهم له عند وفاته سنة 1320
هـ أنهم دفنوه في بناء المشهد المرتضوي بالنجف في إيوان حجرة بانوا العظمى، بنت السلطان الناصر لدين
الله، وهو ديوان الحجرة القبلية عن يمين الداخل إلى الصحن المرتضوي من باب القبلة في النجف بأقدس
البقاع عندهم- هذا العالم النجفي ألف في سنة 1292هـ وهو في النجف عند القبر المنسوب إلى الإمام علي
كتابا سماه: "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة
ومجتهديهم في مختلف العصور بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه. وقد طبع كتاب الطبرسي هذا في إيران
سنة 1298هـ وعند طبعه قامت حوله ضجة لأنهم كانوا يريدون أن يبقى التشكيك في صحة القرآن محصوراً
في خاصتهم ومتفرقا في مئات الكتب المعتبرة عندهم، وأن لا يجمع ذلك كله في كتاب واحد، تطبع منه ألوف
من النسخ، ويطلع عليه خصومهم، فيكون حجة عليهم ماثلة أمام أنظار الجميع، ولما أبدى عقلاؤهم هذه
الملاحظات خالفهم فيها مؤلفه وألف كتاباً آخر سماه "رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف
كتاب رب الأرباب" وقد كتب هذا الدفاع في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين، وقد كافئوه على هذا المجهود
في إثبات أن القرآن محرف، بأن دفنوه في ذلك المكان الممتاز من بناء المشهد العلوي في النجف. ومما
استشهد به هذا العالم النجفي على وقوع النقص من القرآن إيراده في الصفحة 180 من كتابه سورة تسميها
الشيعة (سورة الولاية) مذكور فيها ولاية علي "يا أيها الذين آمنوا بالنبي، والولي اللذين بعثناهما يهديانكم
إلى الصراط المستقيم...الخ" وقد اطلع الثقة المأمون الأستاذ محمد علي سعودي -الذي كان كبير خبراء
وزارة العدل بمصر، على مصحف إيراني مخطوط عند المستشرق براين. فنقل منه هذه السورة بالتلغراف،
وفوق سطورها العربية ترجمتها باللغة الإيرانية. وكما أثبتها الطبرسي في كتابه (فصل الخطاب في إثبات
تحريف كتاب رب الأرباب) فإنها ثابتة أيضاً في كتابهم (دبستان مذاهب) باللغة الإيرانية لمؤلفه محسن فاني
الكشميري، وهو مطبوع في إيران طبعات متعددة ونقل عنه هذه السورة المكذوبة على الله المستشرق نولدكه
في كتابه (تأريخ المصاحف) ج2 ص102 ونشرتها الجريدة الآسيوية الفرنسية سنة 1842 ص431-439. وكما استشهد العالم النجفي بسورة الآية على أن القرآن محرف، استشهد كذلك بما ورد في صفحة 289 من
كتاب (الكافي) طبعة سنة 1278 بإيران، وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند المسلمين فقد جاء بتلك
الصفحة من كتاب الكافي ما نصه:

روى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن بعض أصحابه عن أبي الحسن عليه السلام (أي أبوالحسن الثاني علي بن موسى الرضا المتوفى سنة 206) قال: "قلت له جعلت فداك إنا نسمع
الآيات في القرآن ليس هي كما نسمعها، ولا نحسن أن نقرأها كما بلغنا عنكم فهل نأثم؟ فقال: لا اقرأوا كما
تعلمتم فسيجيئكم من يعلمكم"!!

ولا شك أن هذا الكلام قد اختلقته الشيعة على إمامها علي بن موسى الرضا ولكن معناه عندهم الفتوى بأنه لا
يأثم من قرأ القرآن كما يتعلمه الناس في المصحف العثماني، ثم إن الخاصة من الشيعة سيعلم بعضهم بعضاً
ما يخالف ذلك مما يزعمون أنه موجود أو كان موجوداً عند أئمتهم من أهل البيت.

والمقارنة بين هذا الكلام المزعوم الذي يسر به بعضهم إلى بعض ولا يجهرون به عملاً بعقيدة التقية(1)،
وبين ذلك القرآن المعلوم والشائع المرسوم في المصحف العثماني هي التي ألف حسين بن محمد تقي النوري
الطبرسي كتابه (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب) للقيام بها، ومهما تظاهر الشيعة بالبراءة
من كتاب النوري الطبرسي عملاً بعقيدة التقية،

فإن الكتاب ينطوي على مئات النصوص عن علمائهم في كتبهم المعتبرة، يثبت بها أنهم جازمون بالتحريف،
ومؤمنون به، ولكن لا يحبون أن تثور الضجة حول عقيدتهم هذه في القرآن. ويبقى بعد ذلك أن هناك قرآنين
أحدهما عام معلوم، والآخر خاص مكتوم، ومنه سورة "الولاية"، وهم بذلك يعلمون بالكلمة التي افتروها
على إمامهم علي بن الرضا "اقرأوا كما تعلمتم، فسيجيئكم من يعلمكم".

ومما تزعم الشيعة أنه أسقط من القرآن آية "وجعلنا عليا صهرك" زعموا أنها أسقطت من سورة "ألم
نشرح" وهم لا يخجلون من هذا الزعم مع علمهم بأن سورة "ألم نشرح" مكية، ولم يكن علي صهراً للنبي
صلى الله عليه وسلم بمكة، وإنما كان صهره الوحيد فيها العاص بن الربيع الأموي رضي الله عنه الذي أثنى
عليه صلوات الله عليه على منبر مسجده النبوي،

لما أراد علي رضي الله عنه أن يتزوج بنت أبي جهل على فاطمة فشكت ذلك فاطمة إلى أبيها صلوات الله
عليه، وإذا كان علي رضي الله عنه صهرا للنبي صلى الله عليه وسلم على إحدى بناته، فقد جعل الله عثمان
رضي الله عنه صهراً له على ابنتيه الاثنتين، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم لما توفيت الثانية: "لو كانت
لنا ثالثة لزوجناكها". ويزعم عالمهم أبومنصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (أحد مشايخ ابن شهر
آشوب المتوفى سنة 588هـ في كتابه الاحتجاج على أهل اللجاج) أن علياً قال لأحد الزنادقة -ولم يذكر اسمه-
: وأما ظهورك عليّ تناكر قوله تعالى (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء)
وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء، ولا كل النساء يتامى، فهو ما قدمت ذكره من إسقاط
المنافقين(2) من القرآن بين القول في اليتامى، وبين نكاح النساء من الخطاب. والقصص أكثر من ثلث
القرآن.

الحاشيــة
1
- من الأسماء الشائعة عندهم اسم "تقي" ومن ذلك والد النوري الطبرسي مؤلف (فصل الخطاب...)
وهم يأخذون هذا الاسم من "التقية" لا من التقوى،

فالأب الذي يسمي ابنه عند ولادته باسم "تقي"

يتفاءل له بأن يكون بارعاً في التقية،

وفي اعتقاد غير الذي يتظاهر به للمسلمين. 2- يريد أبو منصور الطبرسي بالمنافقين

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين جمعوا القرآن، وعمل به برسمه العثماني علي بن أبي طالب رضي الله عنه

في مدة خلافته.

فلو كان هذا الكلام المكذوب على لسان علي في كتاب "الاحتجاج على أهل اللجاج"

صادراً عن علي رضي الله عنه حقاً لكان منه خيانة للإسلام أن يكون عنده ثلث ضائع من القرآن،

ولا يظهر ولا يعمل به ولا يأمر الناس بتداوله في مدة خلافته على الأقل

وليس هناك أي مانع يمنعه من ذلك

فكتمانه لهذا المقدار من القرآن راضياً مختاراً النفاق،

لو صح أنه هو قائل هذا الهراء ومن هذا تعلم أن أبامنصور الطبرسي مؤلف كتاب "الاحتجاج"

يسب بكتابه هذا علياً نفسه،

وينسبه إلى الخيانة، والكفر قبل أن يسب أصحاب رسول الله وينسبهم إلى النفاق. كذبهم حتى على علي رضي الله عنه

وهذا من كذبهم على علي رضي الله عنه،

بدليل أنه لم يعلن في مدة خلافته على المسلمين هذا الثلث الساقط
من القرآن في هذا الموضع منه،

ولم يأمر المسلمين بإثباته والاهتداء بهديه والعمل بأحكامه.

(وانظر أيضا الموضوع السابق -الطعن في القرآن الكريم-

الفقرة الأخيرة وحاشيتها)

ليست هناك تعليقات: